Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
العناوينمقالات

الإمامة في القرآن

بحث حول آية (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ)

ذكر الله تعالى الإمامة في القرآن في عدة مواضع ومنها، قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * مَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) صدق الله العلي العظيم.

وهذه أخطر آية في القرآن تناولت موضوع الإمامة، ولو لم نجد في القرآن إلا هذه الآية لكانت أكبر حجة على أهمية موضوع الإمامة،

يعني مع الأسف البعض يقول: أنه حينما قال إبراهيم عليه السلام في قول الله تعالى:

(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال من ذريتي ببرود!

وكأن لا القرآن ولا النبي إبراهيم أعطاها هذه الأهمية العظمى، رغم أن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام روي عنه أنه قال:

إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه، رسولا وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما، فلما جمع له الأشياء قال: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) قال: فمن عظمها في عين إبراهيم قال:

“ومن ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين ” قال: لا يكون السفيه إمام التقي.

فالرواية هذه صريحة على عظمة الإمامة، والآية كذلك صريحة (وَمِن ذُرِّيَّتِي) وهي تكفي للدلالة على عظمة الإمامة،

وخطورة الإمامة تدل عليها الآية التي هي في متناول موضوع الحديث -الاية الحادية والعشرون من سورة الاسراء- (يوم ندعو كل أناس بإمامهم….)

ودلالة (ومن كان في هذه أعمى…) أي الذي يكون أعمى عن الإمام في الدنيا يكون في الآخرة أعمى وأضل سبيلا.

فهل هناك آية أخطر من هذه؟ الإمامة تحدد مصير الانسان، مصيرك مرتبط بالإمامة.

محاولات تحريف معنى الإمامة في القرآن الكريم:

ويجدر الذكر أن هذه الآية: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم….)، قد تعرضت لمحاولات تغيير في معناها وتفسيرها، وممن تلك المحاولات قول محمد بن كعب وهو يهودي أظهر إسلامه في تفسير هذه الآية:

(يوم ندعو كل أناس بإمامهم) المقصود: يوم ندعو كل أناس بأمهاتهم، فلا يقال: فلان ابن فلان، وإنما يقال فلان ابن فلانة.

وقال: إن الحكمة من وراء ذلك إظهار شرف عيسى ابن مريم أولاً، والأمر الثاني: الستر على أولاد الإثم.

الزمخشري يقول: هذه من بدع التفسير! لماذا من بدع التفسير؟

قال حتى يبين عظمة عيسى عليه السلام، لان عيسى ليس له أب فيدعى يوم القيامة باسم أمه، وحتى يبين عظمة الحسن والحسين!

يعني إذا قلت الحسين بن علي بن أبي طالب فعلي عليه السلام ليس له عظمه،

فينبغي أن نقول: الحسين بن فاطمة الزهراء عليهما السلام.

وهذا الكلام وإن كان ظاهره حسن، وهو تبيين عظمة الحسن والحسين عليهما السلام، لكن المراد خبيث،

وهو الانتقاص من مقام الإمام علي عليه السلام.

ما المقصود بآيات الإمامة في القرآن عند أهل السنة؟

منهم من قال أن معنى قوله تعالى: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) أي: بكتابهم، ثم اختلفوا في المقصود بالكتاب، فمنهم من قال: الكتاب الذي أنزل على نبي تلك الأمة،

فيقال للمسلمين: يا أهل القرآن، ويقال لليهود: يا أهل التوراة، ويقال للنصارى: يا أهل الإنجيل.

وقال قسم آخر من علماء أهل السنة: المقصود بالإمام الكتاب، ولكن لكل إنسان كتاب بنفسه،

وحجة هؤلاء قوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) فسمى الله جل وعلا الكتاب إماماً،

وحجة الأولين قول الله جل وعلا: (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً)، فوصف الله جل وعلا كتاب موسى -وهو التوراة- بأنه إمام.

وهناك قول آخر: أن المقصود بـ (إمام) هنا العمل، فقالوا: إن المعنى: ينادى كل إنسان بعمله، فيقال:

أين الصابرون على المقدور؟ أين الممتنعون من المحذور؟ وأين أهل الصلوات؟ وغير ذلك،

وقالت طائفة: المقصود بكلمة (إمام) القدوة، فيقال: أين أتباع موسى؟ أين أتباع عيسى؟ أوأين أتباع نوح؟ وأين أتباع محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

وكل تلك المحاولات حتى يحرفوا الأذهان عن المعنى الحقيقي والبديهي في معنى الإمام،

لأنهم إذا اعترفوا أن الإمام هو إمام الدين والدنيا فيحب بعد ذلك البحث عن الامام الحق.

أهمية الإمامة في القرآن

قضية الإمامة هي ليست فقط قضية تشريعية، هي قضية تكوينية أيضاً،

فالمرجع السيد محمد باقر الصدر: يقول دائما القرآن يطرح القضايا الأساسية بالإسلام تكوينا ووتشريعاً، ومعنى تكويناً أي تداعياته الدنيوية، كسنة كحضارة، لا كتشريع أو قانون.

والإمامة طرحت في القرآن طرحين: طرح تشريعي وطرح تكويني،

حتى إنه في بصائر الدرجات عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

إن الدنيا لا تكون إلا وفيها إمامان: بر وفاجر، فالبر الذي قال الله تعالى: الإمامة في القرآن،

وأما الفاجر فالذي قال الله تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون).

وفي رواية يقول: لا يصلح الناس إلا إمام عادل وإمام فاجر،

إن الله عز وجل يقول: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) وقال: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار).

فهناك جعلان في القرآن الكريم في الإمامة، جعل إمام الحق والعدل، وجعل آخر وهو إمام الباطل والجور.

هذا الجعل الآخير طبعا مو جعل تشريعي، هو جعل تكويني، ودليله قوله تعالى:

(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا)،

وقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)

فلا بد من وجود إمام كما يقول الامام علي عليه السلام في غرر الحكم :

(إمام عادل خير من مطر وابل، وأسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وسلطان ظلوم خير من فتنة تدوم).

فالقضية ليست قضية فقط تشريعية فقط، لان طبيعة الصراع وطبيعة الدفع والتدافع لابد فيها من إمامين، إمام الحق وإمام الباطل،

حتى الكفار والمنافقون لابد لهم من إمام، ولا يوجد مجتمع بدون إمام، فالأبرار لهم إمام والفجار لهم إمام.

قضية الإمامة قضية تكوينية، قضية فطرية قضية حضارية الدنيا كلها قائمة على الإمام. والآن كل دولة فيها رئيس.

هل الخلافة بالنّصّ أو الشّورى؟

الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، لا في قضية تاريخية ولا في رواية واحدة يذكر فيها الشورى -يعني انتخاب الإمام-،

وليس لدينا رواية واحدة أن الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) ثقف أتباعه حول مبدأ الشورى، ولا رواية واحدة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حول كيفة انتخاب الحاكم.

ما هي دلالات حديث الغدير؟

العلامة الأميني في كتابه (الغدير) جمع به روايات السّنة والشّيعة حول حديث الغدير،

والملاحظ في أغلب تلك الروايات أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قبل أن يقول: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) مهد للمسلمين بالسوأل عن من هو أولى بولايتهم،

ويسحب من خلال سؤاله الإقرار منهم على ولايته الكاملة عليهم، بل ويؤكد عليهم بالسؤال وسحب الاعتراف بذلك، وخصوصا في رواية البراء بن عازب، حيث روى أحمد بن حنبل في مسنده، عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول الله (ص)‏ في حجته التي حج، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة،

وكسح لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بين شجرتين، فصلّى بنا الظهر، وأخذ بيد علي (عليه السلام) وقال:

ألست‏ (أولى بالمؤمنين من أنفسهم‏) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه)، قال: فلقيه عمر بن الخطاب، فقال: هنيئًا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

وخلاصة القول: أنّ آيات الإمامة آيات خطرة جداً ولا يسع المقام عرض كل آيات الإمامة، وإلّا فإنّ آيات الإمامة كثيرة جدًّا تدل على خطورة الإمامة وإنّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميته جاهلية.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

أنظر أيضاً:

مكانة الإمامة في الإسلام
الإمامة عند المدرستين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى