قضايا الأمة بين الالتزام والانكفاء
في إطار برامجه الفكرية المستمرة، نظم مرفأ الكلمة للحوار والتأصيل الإسلامي ندوة علمية بعنوان “قضايا الأمة بين الالتزام والانكفاء”،
حاضر فيها سماحة الشيخ يوسف عباس، الباحث والمبلغ الإسلامي. وجمعت الندوة نخبة من المهتمين بالشأن الفكري والشرعي،
وسلطت الضوء على التحديات المعاصرة التي تواجه الأمة الإسلامية، لا سيما ما يتعلق بجدوى الالتزام في ظل الانتكاسات المتتالية.
محاور الندوة وتساؤلاتها الجريئة
منذ بداية الندوة، طرح الشيخ يوسف عباس مجموعة من الأسئلة التي حملت في طياتها أبعادًا فكرية عميقة.
فقد تساءل: هل لا يزال الاهتمام بقضايا الأمة مجديًا مع ما تعانيه من هزائم متكررة؟
وأجاب بأن الانكفاء ليس خيارًا مطروحًا، بل إن الواجب الديني يدفع المسلم إلى التفاعل الإيجابي مهما كانت الظروف، لأن المسؤولية لا تسقط بانسحاب الآخرين.
وبالانتقال إلى المحور الثاني، أوضح الشيخ أن الاهتمام بقضايا الأمة يمتلك أساسًا شرعيًا راسخًا،
مشيرًا إلى نصوص قرآنية وأحاديث نبوية تحث على نصرة المظلومين والدفاع عن القيم العليا،
حتى لو بدت الطريق محفوفة بالعقبات.
هل المقاومة تهلكة أم فريضة؟
وتناول سماحته سؤالًا محوريًا: ألا تُعد المقاومة في هذه الظروف إلقاءً للنفس في التهلكة؟
وأجاب بوضوح أن المقاومة، حين تكون قائمة على التخطيط والبصيرة، تمثل فريضة شرعية لا يمكن التفريط فيها.
وأضاف: أن من يقرأ السيرة النبوية وسير أئمة أهل البيت عليهم السلام، يدرك أن التضحية كانت دومًا الطريق إلى العزة والكرامة.
بين التضحيات الفردية وتقاعس الآخرين
ومن جهة أخرى، ناقش الشيخ يوسف قضية التفاوت في المواقف، وتساءل: لماذا نقدم التضحيات بينما يتقاعس غيرنا عن نصرة الأمة؟ وأجاب بأن العمل الواعي لا ينتظر تحرك الآخرين، بل ينطلق من الشعور بالواجب والالتزام، داعيًا إلى عدم التوقف عند المواقف السلبية من بعض الجهات.
التوازن بين التحصين المذهبي والانخراط في القضايا الكبرى
في محور آخر، طرح الشيخ سؤالًا مهمًا: أليس من الأَولى أن نحصّن بيئتنا المذهبية قبل الانخراط في قضايا الأمة؟ ورد بأن التحصين الداخلي والتفاعل الخارجي لا يتعارضان، بل يعززان بعضهما البعض.
وبيّن سماحة الشيخ أن الانفتاح الواعي لا يجعل الإنسان يفقد الإنسان هويته المذهبية،
بل يثبّت هذه الهوية ويعطيها بُعدًا رساليًا أعمق.
الدروس القرآنية في التضحية والمقاومة
واختتم الشيخ يوسف عباس الندوة باستعراض مجموعة من الدروس القرآنية حول مفاهيم التضحية والمقاومة،
وقد أكد سماحة الشيخ أن القرآن يُقدّم نماذج حية للثبات والصبر في مواجهة الطغيان،
وأن المسلم مدعو للاقتداء بهذه النماذج في طريق بناء مجتمع قوي وواعٍ.
في الختام
جاءت هذه الندوة ضمن سلسلة النشاطات الفكرية التي يحرص مرفأ الكلمة للحوار والتأصيل الإسلامي على تنظيمها بانتظام، وذلك لتأصيل الوعي بأولويات الأمة وتعزيز ثقافة الالتزام والعمل المشترك.
ومن خلال هذه اللقاءات، يسعى المرفأ إلى ترسيخ مفاهيم المقاومة الواعية والتفاعل الإيجابي مع قضايا الأمة في أذهان الشباب والنخب الفكرية.
لمعرفة المزيد حول البرامج القادمة، يمكنكم زيارة الموقع الرسمي لمرفأ الكلمة.