Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
العناوينمقالات

حينما يغيب القائد المهيمن: دروس الصبر والثبات

نعيش هذه الأيام أجواء مؤلمة، أجواء شهادة القائد المهيمن، سيد المقاومة، السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه).

وكذلك نعيش ألم المصائب التي حلت ولازالت على أهلنا في جنوب لبنان وغزة.

لقد أثرت هذه الشهادة في قلوب المؤمنين، وخلقت شعوراً بالألم، ولكن هذا الألم كان الدافع لهم للاستمرار والمضي بقوة في طريق تحرير القدس.

إن مثل هذه الأوقات هي فرصة للتأمل في الدروس التي علمنا إياها سيد المقاومة، حتى تنمكن من مواصلة المسيرة من بعده.

دروس من معركة أحد

نستذكر هنا ما وقع على النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله في معركة أحد،

عندما كسرت رباعيته وشج رأسه، وهزم في تلك الواقعة جيش المسلمين، وأشيع بين الناس أن رسول اله قد قتل

في تلك الأثناء، التي عاش فيها المسلمون أجواء الخيبة والهزيمة، نزلت آيات من القرآن الكريم تواسيهم وتثبتهم. قال الله تعالى:

(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)

سنة التداول بين الناس تصنع القائد المهيمن

الآية المذكورة تشير إلى أن الأحداث التي تصيب المؤمنين تظهر حقيقة من يؤمن بصدق ومن يحمل راية النفاق، واليوم في ظل ما يحدث من ظلم وعدوان على غزة ولبنان،

نرى هذه الأحداث يفضح الله المنافقين الذين يختبئون تحت ستار الإسلام، بينما يظهر الله المؤمنين الصادقين.

وهذه الابتلاءات والتحديات هي التي تصقل الرجال وتعدهم للشهادة، كما أن قادة المقاومة الذين استشهدوا قد أعدتهم الابتلاءات حتى يستحقوا وبجداره منصب القيادة،

ستعد تحدياتنا في هذه الأحداث قادة آخرين سقودون المسيرة حتى النصر، وهذا هو مصداق الآية الكريمة التي تقول:

(وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء).

بين الحزن على القائد واستمرار المقاومة

إن الحزن على شهادة أو رحيل نبي أو إمام أو ولي أو قائد مشروع،

فالسيد نصر الله (رضوان الله عليه) كان من نخبة القادة الذين اصطفاهم الله لحمل راية الإسلام والجهاد في جنوب لبنان.

ولكن بشرط أن هذا الحزن يجب أن يترافق مع أمل بأن الله سيصطفي قائداً جديداً يكمل المسيرة،

وأن تكون شهادته مشعلا ينير لنا الطريق.

التمسك بخط القائد وليس بقائد الخط

على المؤمنين أن يتسمكوا بخط القائد لا بشخصه، لأننا عندما نتمسك بالخط الرسالي ستبقى الرسالة مستمرة حتى عندما يموت أو يُستشهد ذلك القائد.

أما إذا تعلق الناس بالقائد فقط، فستتوقف الرسالة بموته.

كما حدث مع بعض المسلمين في معركة أحد عندما أشيع أن النبي قد قتل. ولذا قال تعالى بعد معركة أحد:

(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ).

العلاج القرآني لصدمة رحيل القائد المهيمن

إن هذه الآية الكريمة (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ….) تعطينا إشارة واضحة المعالم وهي:

أن رسول الله صلى الله عليه وآله رغم عظمته وأنه خير خلق الله، وأول ما خلق الله تعالى هو نوره صلى الله عليه وآله،

إلا أنه عندما ذكره تعالى في هذه الآية إنما ذكره على نحو التصغير، والتصغير أتى أمام الرسالة العظمى التي جاء بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.

وصحيح أن الأمة عندما يقتل أو يموت قائدها قد تعيش الوهن والإحباط والضعف،

ولكن القرآن الكريم أعطانا العلاج النفسي لأجل امتصاص صدمة رحيل ذلك القائد،

والعلاج أنه علينا أن نبقى مستحضرين سنة الله في عباده، وهي أن كل منا ماض إلى ربه

وأن هذا القائد حتما، سيقتل أو يموت يوماً ما.

ولذا قال تعالى للرسول مخاطباً أمته:

(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ).

والعلاج الثاني هو التمسك بالخط الذي رسمه القائد. القرآن قدم هذا الحل عندما رأى أن الرسالة قد تهدد بموت الرسول، فصغر من شأن موت الرسول مقارنة ببقاء الرسالة.

وإن ألأمر الذي يهمنا اليوم، هو أن يبقى خط المقاومة مستمراً، حتى وإن استشهد سيد المقاومة.

أهمية أن يكون حزننا إيجابي

وفي الختام، لا نقول للمؤمنين ألا يحزنوا على استشهاد القائد، ولكن لا يجب أن يتملكهم الضعف بعد استشهاده. في تعبير جميل للإمام الخامنئي (حفظه الله)، قال: “حزننا على نصر الله كحزننا على الحسين عليه السلام”. كيف يكون هذا الحزن؟ يجيب الإمام الخميني (رضوان الله عليه) بأن البكاء على الحسين عليه السلام يجب أن يكون بكاءً سياسياً. كما قال الشاعر محمد مهدي الجواهري:

“وحُزْناً عليكَ بِحَبْسِ النفوس *** على نَهْجِكَ النَّيِّرِ المَهْيَعِ”.

أنظر أيضا:

معارك التنزيل والتأويل بين الماضي للحاضر – السيد عبد السلام زين العابدين

الحياة الحقيقية في ظل الشهادة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى